نص ساعة توفير

سمعتوا عن كوبري قليوب طبعا

وطبعا ليه؟ عشان دا واحد من المشاريع "القومية" اللى محطوطة فى لستة "طبقا للبرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس" واللى محدش من الشعب شافها بعينه، بس ما علينا المهم ان مشروع كوبري قليوب خلص يا رجالة، وافتتحوه كمان، وبقالي بتاع خمس ست ايام عايشة فى نعيم البرنامج الانتخابي ذاته

أصل الكوبري كان ضيق، رفيع كده وضعيف، وهو اول كوبري يقابلك وانت مسافر على الطريق الزراعي من مصر إلى الاسكندرية، وبالتالي كل العربيات اللى خارجة من القاهرة على الطريق بتفوت على الكوبري الضيق ده الاول،وطبعا عشان الناس مش بتسمع كلام الحكومة وبتنظم النسل، وعشان المشكلة السكانية انفجرت في وشنا خلاص، فالطبيعي ان الكوبري الضيق يتحول مع الوقت لعنق الزجاجة اللى بيقولوا عليه، واختك باه يوميا تعيش المعاناه دي لأنها بتمر من على كوبري قليوب كل يوم مرتين، مرة الصبح ومرة بالليل

قول أحيانا الصبح ما بيكونش فى اختناق مروري عند الكوبري إلا مثلا خمس دقايق او عشر دقايق،إنما الذل الحقيقي بشوفه بعيني وأنا مروحه، لما نقعد يا مؤمن ما لا يقل عن نص ساعة عند الكوبري، والمفروض انى اخر اليوم، يعني مفيش نشاط ولا طاقة ولا استعداد لأي نوع لتعلم درس "طولة الصبر يبلغ الأمل" وخصوصا انه درس يومي

يبقى من حقي أكون أول الفرحانين بإنهم وسعوا كوبري قليوب، هتقولي بأه دا كان سبوبة فساد جامدة،هقولك مش مشكلتي خالص.. هتقولي دا حتة كوبري صغير لا راح ولا جه ما يتصرفش عليه السبعة واربعين مليون جنيه اللى قالوا عليها،هقولك انا بردو مبسوطة بالكوبري..وكمان عايزاك تبقى مبسوط معايا.. أصل أنا وفرت من ورا عملية تكبير الكوبري دي ،نص ساعة بحالها، كل يوم

انت متخيل؟؟

نص ساعة يا بني ادم بقولك، نص ساعة كانت بتتقطع م اللحم الحي كل يوم، ومعرفتش ابدا اتأقلم مع نظرية "الصبر جميل يا جميل" ومع ذلك مكنش عندي أمل إنى استرجع النص ساعة دي.. حتى أثناء ما كانوا شغالين فى الكوبري، وشايفة بعنيا التقدم اليومي الباهر لتنفيذ بند من بنود البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس، مكنتش مصدقة إن توسيع الكوبري يحل المشكلة ويرجع لى النص ساعة بتاعتي تاني

بس لما دا حصل، ولما عيشته أول يوم، وبقيت حاطة إيدي على قلبي تاني وتالت ورابع يوم من القلق والخوف لأصحى من الحلم الجميل ده، ولما بقيت كل يوم بعيش التجربة الممتعة والحالة الفريدة من قطع المسافة ما بين كلية زراعة لكوبري قليوب فى مدة لا تزيد عن عشر دقايق بعد ما كانت بتتقطع فى مدة لا تقل عن ساعة إلا ربع، وبقيت احس ان الميكروباص دا بساط الريح جميل ومريح.. والسواق هو فريد الأطرش بذاته وقلبه ومفتاحه.. شملتني حالة من الاطمئنان على النص ساعة بتاعتي وابتديت ما خفش انها تتقطع مني تاني

حتى إني دلوقتى بفكر أعمل ايه فى النص ساعة الجديدة على حياتي دى؟ تخيل توفير كل يوم نص ساعة.. يعنى احسن من توفير إريال خمسة وعشرين قرش للكيس.. نص ساعة يوميا يعني ساعتين ونص اسبوعيا لأنى مش هحسب حمعة وسبت طبعا، يعنى حوالي عشر ساعات فى الشهر

يا دين النبي.. عشر ساعات؟؟

اعمل فيهم ايه دول بس..اوديهم فين.. ايه الحلاوة دي يا بلد

النص ساعة توفير دي هتجنني، فكرة خرافية أنا عايشة فيها.. عايزة ابتدي اتعلم لغة جديدة مثلا، أو اتعلم حاجة جديدة تفيد شغلي، أو احترم نفسي باه وابتدي مشروعي المؤجل لحفظ القرآن الكريم، أو ممكن ابتدي افكر فعليا فى التحضير لمشروع كتاب مثلا وأكيد هلاقي دور النشر بتتتهافت عليا بصرف النظر عن مضمون الكتاب،عادي ما أنا عندي نص ساعة بأه أقدر فيها افكر فى مضمون شغال.. أو ممكن افكر اروح "جيم" بعد قطيعة دامت تسع سنين،..ييووو انا لو قعدت عملت عصف ذهني عشر دقايق كمان هطلع لستة لا تقل عن خمسة وعشرين عمل مؤجل ممكن تقضيهم نص ساعة فى اليوم

الأكيد إني هحاول استفيد من النص ساعة دي، دى اكتر نص ساعة فى اليوم اقدر احس بقيمتها، نص ساعة مجمدة وبحالة جيدة، عايزة الحق اربطها بعمل ما،مش عايزة افكها وابعترها وتتوه وسط ساعات اليوم

انما من الاخر أنا سعيدة بالكوبريييي..كوبري قليوب حبيبي.. يا كوبري يا كوبري... كوبري قليوب يا حبيبي