2/15/2013

بل نحن البؤساء يا عمر

أكتب إليك من حزني وحسرتي ومن تفكيري فيك ليل نهار. عيناك أكبر من تجاهلي وصوتك أقوى من خجلي.

ليس موتك ما يحزنني بل كيف مت. وليس رحيلك عن الحياة ما يؤلمني بل كيف عشت. لا أرثي رحيلك فلم تكن في حياتك تلعب وتضحك. أرثي شابا لم تكنه، أرثي حلما لم تملكه، أرثي صوتك الحزين وألمك اليومي وشقائك. أرثي طفولتك التي انتهكت بطغيانهم وشتاتنا. أرثي لقمة عيش قسمها الله لك في ثمرة بطاطا وعلبة منديل، وأطفال في عمرك رزقهم في كف أمهاتهم وأحضان آباءهم. 

أرثي صغارا مثلك سنمر بهم ونتجاهلهم كل يوم كالعادة.

أخجل منك يا عمر. وأخجل من كل عمر.. صغيرا كان أم كبير، يفترش رصيفا أو يدفع أمامه بعربة، ينقم عليه الناس لأنه يضيق الطريق ويزعجهم بصوته العالي. له الله البائع المتجول في البلاد القاسية.

اليوم يرثونك يا عمر ويقولون كان يناضل من أجل لقمة عيشه. وأمس كانوا يقولوا لعن الله من يجري وراء اللقمة وينسى الحرية. يا عمر، ألا تحدثهم عن الحرية؟ لا تعرفها؟ نحن أيضا لا نعرفها. نحن لا نعرف شيئا. وكل الكلمات لا معنى لها أمام حياتك.. أمام مماتك. عشت بائسا ومت بائسا يا عمر.

لا. بل نحن البؤساء يا عمر.. بل نحن البؤساء.

أقول لنفسي، لله رحمات مخصوصة للصغار الكادحين، أحدها الموت. الأن أنت تلعب وتضحك في السماء مرتاح البال، أعرف أن السماء سعيدة بك، والملائكة تتخاطفك لتتدللك وتمسح عنك بؤس السنين الماضية. ها أنت قد تخلصت من جسد طفل مهموم وطلقتين.

لا أكتب عنك يا عمر بل أكتب إليك.. فاذكرني عند ربك.

3 comments:

  1. الله يرحم عمر ليس لدي شي أضيفه على كلماتك الصادقة غير الرحمة على كل شهداء الثورة

    ReplyDelete
  2. لا اعرف من تقصدين بعمر و لكن فعلا نحن البوساء

    ReplyDelete
  3. الله يرحمه ويرحمنا ويريحنا من الهم ده

    ReplyDelete