3/24/2013

سيرة الحجاج بن يوسف

‎إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)) الحسن البصري

‎ماذا أريد أن أكتب هنا عن الحجاج؟

إجابة مباشرة، أحب أجيب في سيرة الطغاة :)

‎للحجاج سيرتان، سيرة رجل خدم القرآن، وسيرة رجل تجبر وطغى في الأرض‫.‬ كلا السيرتان صحيحتان حسب كلام الرواة والمؤرخين‫.‬ كأنك تقرأ عن رجلين متناقضين، وتتطاردك الأسئلة، كيف يفعل هكذا من يفعل هكذا؟

‎فالحجاج مثلا أمر بتنقيط المصحف، وذلك ليسهل على غير العرب قراءة القرآن‫.‬ وقام بالعديد من الإصلاحات في العراق حينما ولي عليها منها حفر الآبار والجسور، ومن ناحية أخرى فقد كان عابدا زاهدا وقارئا للقرآن‫ حافظا له. وكان يعطي لأهل القرآن ولا يبخل، وكان يقرآ القرآن كل ليلة. ‬
‫ ‬
‎بدأ الحجاج معلما للقرآن والحديث، يفقه الفتية في الدين‫.‬ ترك الطائف حيث ولد وشب، واتجه للشام ليعمل بشرطة الإمارة التي كانت تحت ولاية الأمويين‫.‬ وارتقى سريعا وأصبح ذراع عبدالملك بن مروان - رأس الدولة الأموية وقتها - في ضبط أمر الشرطة بالقوة  والغلظة، وكان يقول لعبدالملك ‫"‬أنا يدك وسوطك‫".‬

‎ثم انضم للجيش قائدا لمحاربة مصعب بن الزبير، وأخرج الناس في جيشه جبرا بعد أن هددهم بالقتل وحرق بيوتهم‫ بل ونفذ تهديده في أحدهم. ‬

‎‫ثم خرج قائدا لجيش لمحاربة عبدالله بن الزبير، في مكة. وهناك قصة شهيرة عن ضربه للكعبة بالمنجنيق - والبعض يكذبها - ما لم يكذبه أحد هو قتله لإبن الزبير وصلبه إياه. ‬

‎‫وهناك قصة عن لقاء الحجاج بأسماء بنت أبي بكر الصحابية أم عبدالله بن الزبير، يسألها "كيف رأيتني صنعت بعبدالله؟" فقالت "رأيتك أفسدت عليه دنياه، فأفسد عليك آخرتك".. الغريب في الأمر أن الحجاج أخذ يجادل أسماء قائلا أن عبدالله ألحد بالله، وهي تكذبه أن عبدالله كان صواما قواما.‬

‎‫كم كان الحجاج ضعيفا حين ادعى على عبدالله ما ليس فيه ليبرر مقتله! وكم أن هذا المبرر نفسه ضعيفا ليُقتل أحد بسببه..‬

‎ كان يُكفر من يخرج على السلطان ويستحل دمه‫. وحينما ولي على العراق قال خطبة يتوعدهم فيها، لا أصدق أن حاكما يوم يتولى الحكم يقول كلاما فيما معناه "أنا هطلع @$٪$٪^$^٪& يا ولاد ال#$&*&^"… ‬أيوة بجد، طب حتى اقرأ‫:‬
أما والله فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى…‫…‬ا أهل العراق، يا أهل النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مناخ الضلال، وسننتم سنن العي، وأيم الله لألحونكم لحو العود، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل ‫…… ‬لريحكم أنتن من ريح الأبخر، وإنما أنتم كما قال الله: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار"

‎لا حديث عن الحجاج بغير ذكر بن جبير‫:‬

‎أما سعيد بن جبير فقد كان رجل الحق أمام الحجاج، ولكل طاغية رجل يحق الله به كلمته على الطاغية، وعادة ما يقتله الطاغية ‫:)‬ هذه باختصار حكاية الحجاج مع سعيد بن جبير‫ التابعي الحبشي الذي خرج مع عبدالرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية. يقال أن سعيدا دعا الله ألا يسلط الحجاج على قتل أحد بعده، وقد استجاب له الله. ‬

‎‫من حوار طويل بين الحجاج وبن جبير أقتبس هذه الكلمات: ‬الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة.

‎أعود لمقولة الحسن البصري عن الحجاج التي ابتدأت بها الكلام
‎إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ))

‎أعلم قدر الحسن البصري ورفعة منزلته بين التابعين عالما وحافظا للقرآن وغازيا‫..‬ وأعلم أيضا رأيه في الثورات والخروج على الحكام وما اسماه ‫"‬الفتن‫"‬،  فقد رفض الخروج مع أي ثورة ضد بني أمية وهو ما أراه يتفق تماما مع تلك المقولة التي يقال أنه قالها في الحجاج بن يوسف‫.‬ فقد كان الحسن البصري من دعاة تجنب الفتن والثورات، ونفذ دعوته ولزم بيته‫.‬

‎رأي الحسن البصري الحجاج عذاب من الله، وفي هذه الحالة فإن الرضا بقدر الله لا تكون بمحاربة الحجاج ورده‫.‬  أنهى مقولته بآية من سورة المؤمنون لحث الناس على الاستكانة لعذاب الله والتضرع إليه، وكفى‫.‬ ولكني أُبرىء كلمات الله وذكره الحكيم من ضلال تلك المقولة في كل زمان ومكان‫.‬

‎رأي مثل رأي عالم بحجم الحسن البصري في طاغية مثل الحجاج بن يوسف الثقفي كان رأيا أكد ودعم دولة الأمويين‫ بدعوة الناس للإستكانة. ولا حول ولا قوة إلا بالله‬

‎لم يكن الحجاج عذاب الله، ولكنه كان يد بن مروان وسوطه‫..‬ قد كان طاغية باسم الدين، خادما لمغتصبي الحكم من أمثال بني أمية‫.  وإني لأرى أرضنا اليوم خصبة لأمثال الحجاج، فكم ‬من بيننا سيصبح بعد حين حجاجا‫!‬

2 comments:

  1. قرات سابقا عن الحجاج ولكنى وجدت هنا لمحة جديده
    بالتوفيق

    ReplyDelete
  2. عرض جميل لقصة حياته (y)

    ReplyDelete