يقول شمس: "ولما لم تكن لدي جذور في أي مكان، أصبح لدي العالم كله أطوف في أرجائه. وخلال جولاتي سلكت جميع أنواع الطرق ... ورأيت قرى فقيرة، وحقولا سودتها الحرائق، ومدنا وبلدات سلبت ونهبت وأصبحت الأنهار فيها حمراء، ولم يبق فيها رجال أحياء يزيد عمرهم على عشر سنوات. لقد رأيت أسوأ وأفضل ما في الإنسانية، ولذلك لم يعد فيها ما يفاجئني".
ونتيجة كل ما رأه كون تلك القواعد الأربعين التي يحكي عنها كشخصية من شخصيات رواية إليف شافاق.
ولكن دعني أسألك يا شمس، "هل من عرف كمن لم يعرف؟" نعم أنت رأيت مأساويات البشر ولكنك لم تخبرها. لم تمر بأي منها. من الممكن أن تكتب ما تشاء من قواعد، من الممكن ألا تفاجئك مأساة بشرية جديدة تسمع عنها، ولكن إليك قاعدة أبشرك بها "شىء لم تمر به، لم تعرفه."
يا شمس - يا صديقي الجديد الذي أعتز به كثيرا - أشك كثيرا في أن قواعدك الأربعين من الممكن أن تشفي حزن إنسان أو تخفف ألم أو تمحو أثر تجربة سيئة أو تخلق حياة أفضل لشخص دمر تدميرا. بالطبع من الممكن أن يتعظ بها إنسان لا يزال على البر، فيتعلم قبل أن يبتلى عن الابتلاء فحينما يمر به ربما ينجو وربما يخف ألمه أسرع. ولكن، ما العمل في هؤلاء الذين لم يسعهم حظهم للتعلم قبل الاصصدام بحافلة المآسي؟
على عكسك تماما عزيز، فهو فقد زوجته ولم يحتمل فانكسر تحت وطأة هذا الألم سنوات. وهو ما لم أفهم له تفسير، كيف ترتبط صورتك بصورته في الرواية؟ أنت رأيت وهو مر.
أه، لا تشغل بالك بي يا صديقي. هي أسئلة ربما أسقطها عليك لأني أشعر فعلا بالعجز كلما هممت بمساعدة أحدهم. ارتطم دائما بتلك الفكرة "كيف أساعد شخصا في الشفاء من ألم لم أعرفه؟ كيف يثق بي من يرى أنني لا أعي تماما ما يحكي عنه لأني لم أمر به؟"..
No comments:
Post a Comment