10/21/2016

القلق والتوتر

لست أدري النهاردة كتبت على فيس بوك: 

 "كل يوم أقرأ نصايح دكاترة ملخصها : تجنبي القلق والتوتر..
ماشي ماعنديش مشكلة.. بس ممكن حد يقول لي بتعملوها إزاي؟"

وبما إن القلق والتوتر بقوا جزء من حياتي في الفترة الأخيرة فأنا قررت إني اتكلم عنهم هنا في البوست ده. عندي شوية تصورات عنهم ملهاش أي أساس غير (١) احتكاك شخصي بيهم لفترة تعتبر طويلة نسبيا دلوقتي بما إني داخلة على سنة ونص في علاقة شبه دائمة و (٢) بعض القراءات سواء كتب أو مقالات أو فضفضات ناس.

- أول حاجة، مهم نتعرف على المجموعة كلها، هي بتيجي باكدج واحدة: التوتر stress - القلق anxiety - الهم worry- الاجترار rumination.
باختصار دي الحكاية كلها، بتبتدي بشىء يدوس على زرار التوتر، ممكن يكون الشىء ده عامل خارجي (مشكلة في الشغل مثلا) أو عامل داخلي فسيولوجي (الدورة الشهرية مثلا) أو عامل داخلي نفسي (القلق المزمن مثلا أو الاكتئاب). لما زرار التوتر ده بيتداس عليه بيفرز هرمونات (الادرينالين) فبيسبب القلق. والقلق ليه أعراض جسدية زي إن القلب يدق بسرعة والقلق ممكن يتسبب في نوبات الهلع panick attacks.

أنا نفسي لما بقلق بيقل تركيز وبحس إن كتافي تقيلة أوي وبكلضم كده وماببقاش قادرو افرد وشي، اللي هو بيبقى باين يعني. لما بقلق ما بقدرش أوقف تفكير في اللي قالقني وده بقى اللي اسمه شايلة الهم worry وافضل افكر واعيد تفكير وافتكر حاجات تانية بتقلقني فافكر فيها وهكذا، والدوامة دي بقى اسمها اجترار rumination.

 - عادة التوتر اللي بيحصل بسبب عامل خارجي بيكون العامل ده لسه قائم، مشكلة موجودة ومانتهتش لسه.. وإلا كان يبقى الحال مختلف إما فرح أو حزن. المفروض إن التوتر زي الألم كده مهم عشان ينبه الإنسان إن في مشكلة فيتعامل معاها، وهو زي الألم بردو في إنه بيستمر وبيضغط علينا ومابنبقاش قادرين نستحمل رغم إننا "خلاص يا عم عرفنا إن في مشكلة وعرفنا إن المفروض نحلها". بس أبدا، هو بيستمر ويفضل.

- طيب إزاي نتخلص من التوتر؟ زي ما بنتخلص من الألم.. إحنا بنتخلص من الألم ازاي؟ بحاجتين، بالحل طويل الامد وهو إن المرض/ الجرح يتعالج، و بالحل قصير الأمد المسكنات. مسكنات التوتر دي بقى كتير أوي أوي، ممكن تعمل كذا حاجة مع بعض، وممكن حاجة واحدة، وممكن كل ما واحدة تجيب اخرها تسيبها وتعمل غيرها وهكذا.

أنا مثلا بحاول بعمل الحاجات دي حاليا عشان احاول اقلل مساحات التوتر:
١- بنظم وقتي، وبفصل بين الشغل وحياتي الشخصية.. وقت الشغل شغل ووقت المش شغل مش شغل.
٢- بحاول ما بقاش لوحدي، وبحاول يبقى معايا ناس بحبهم وبتبسط وانا معاهم .. ناس طاقتهم ايجابية .. ناس بحس معاهم بالأمان
٣- بحاول احافظ على ممارسة الرياضة والمشي واليوجا
٤- لما اكون قلقانة بشكل عنيف بعمل تمرينات التنفس. ببساطة تاخد نفس عميق ببطء وتطلع ببطء وتستمر على الحكاية دي لحد ما تهدى.. انت بتساعد مخك يدخله شوية اكسجين حلوين وبتركز في حاجة تانية خالص غير مسبب القلق.
٥- الفضفضة، الكلام بصوت مسموع لحد بتحبه، وانك تسمح له يطبطب عليك وينصحك ويدلعك ويخفف عنك، بس ده مش معناه انك تسوق فيها وتبقى كتلة كأبة ونكد..
٦- انا كتير اوي لما ابقى قلقانة بلعب candy crush وفي ناس بتلون
٧- دلع نفسك.. دلع نفسك .. حبها وماتجيش عليها وشوف عايزة ايه واعمله.. دلع نفسك..
٨- ما تاخدش قرار وانت متوتر. دايما نام واصحى قبل ما تاخد قرار.

في حاجات كتير أوي ونصايح وتكنيكات ممكن تلاقيها عشان تعرف ازاي تتخلص من القلق والتوتر.. خلينا بس فاكرين ان دايما التخلص منهم بيبقى مؤقت، طالما السبب الأساسي لسه موجود. انت بس بتاخد مهدئات او مسكنات.. ودي مش حاجة وحشة او قيمتها قليلة.. زي ما مهم جدا تاخد مسكنات للألم لحد ما سبب الوجع يروح.

- نقطة كمان مهمة، لازم انت من جواك تبقى حاسس انك بتعمل كل اللي عليك عشان سبب القلق الاساسي يروح. احساسك الداخلي بالتقصير هيزود المشكلة. اعمل اللي عليك عشان ترتاح "شوية"

- النقطة الأهم، إنك تفتكر ربنا. ربنا هو اللي في ايده حل مشكلتك، وهو اللي هيرفع عنك الابتلاء ده، صحيح مطلوب منك تبذل مجهود، بس ده عشان ربنا قال ناخد بالأسباب.. إنما ماتنساش السبب المطلق، ما تنساش قدرة ربنا اللي ممكن في غمضة عين تنقلك من حال لحال. عشان كده احنا بندعي ربنا، وبنصلي، وبنتقرب منه.. الصدقة مثلا بتريح القلب جدا، القرآن بيهدي، دعاء طويل بخشوع وتذلل لرب العالمين وخالق الكون في سجدة بيرسم على وشك ابتسامة اليقين وحسن الظن بالله.. إنك أصلا توقن إن كل ده مش هيستمر وهيخلص، وإن الحياة عموما رحلة ابتلاء مسيرها تنتهي، وإننا محتاجين في الحقيقة نفكر في الآخرة أكتر ما بنفكر في الدنيا وهمومها.. كل ده هيخليك تسمو وتعلو على المشكلة اللي انت فيها، هتبص عليها من فوق...

- وفي نقطة لوحدها أحب اقول إن الذكر مهم جدا. سواء الاستغفار أو التسبيح أو كل العبارات اللي بنقولها في الأذكار.. بجانب إن المعنى نفسه إيماني والتفكر فيه أثناء الترديد مهم، بس كمان تكنيك الذكر نفسه، وهو ان في عبارة قصيرة بيتم تكرارها مرات ومرات.. الحكاية دي بتهدي جدا.. الذكر عندنا شبه المانترا اللي بيمارسوها هواة التأمل وكده.

- بس بعد كل ده، ماتفتكرش إن التوتر والقلق بيروحوا خالص كده.. ممكن نفكر فيها كنسبة، عايزنها تقل لأقل نقطة ممكنة مثلا، يعني لو قلت ١٠ في المية حلو، لو قلت ٥٠ في المية ده انجاز، ومعجزة بقى لو قلت ٩٠ في المية.

- طبعا ممكن ما يكونش في سبب خارجي للقلق. الستات مثلا من اعراض الدورة الشهرية عندهم انهم يقلقوا ويكتئبوا ويجوعوا وتحصل لهم حاجات مؤذية كده قبل او اثناء الدورة. في الفترة دي بيبقى التفكير هوس.. غلط جدا جدا تاخد قرار او تنفذ فكرة فكرت فيها في الفترة دي.. أصلا بتخترع فكرة تقلق بسببها، بتفتكر حاجة قديمة تتنكد بيها.. حاجة زفت كده. 

- تخيل بقى لو واحدة ست عندها قلق واكتئاب بسبب الدورة الشهرية وكمان في سبب خارجي موترها ومخليها قلقانة.. تفتكر ممكن تبقى عاملة ازاي :( بردو لازم تلجأ لمسكنات التوتر عشان مفيش حل تاني.. أهم مسكن في الفترة دي الشوكولاتة والشيبسي

- في حاجة اخيرة كده اسمها apprehension مش عارفة بالعربي لو ليها مصطلح معين انما هي معناها الخوف من شىء مرتقب، او الخوف من المستقبل.. وده قلق من مستوى تاني.. ما بيبقاش عندك سبب معين للقلق بس لأنك اتأذيت كتير فانت بقى عندك قلق مزمن ودايما خايف من حاجة تحصل في المستقبل.. قلق كده بيبقى مصاحب ليك في كل حالاتك وكل دقيقة، من أول ما بتصحى من النوم لحد ما تنام. قلق موجود رغم ايمانك بربنا، قلق مابينتهبش ومابيقفش، يمكن يخف شوبة بس محسوس.. يمكن يكون الحل انك تزور معالج نفسي، أو انك تقرا وتبقى فاهم اللي بيحصل لك وتعمل مسكنات كتير بقى إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

No comments:

Post a Comment