الحبل مشدود بقوة حول الخصر. المسافة محسوبة بدقة والطقس مائل للبرودة.
الجميع ينتظرون اللحظة الحاسمة، يقفون في صمت احتراما لخلوتك المؤقتة مع
نفسك وأنت تقف فوق سور الكوبري متشبسا بثبات غير حقيقي و متطلعا لتحليق غير
دائم.
رغم كل الإعدادت من أجل الأمان، فأنت تميل للاعتقاد بأنه ربما خطأ ما
غير مقصود ينهى الأمر حيث الموت لا يفاوض. تقاوم هذا الاعتقاد وتستعد لتلقي
نفسك في غيابات المتعة حيث التحليق سقوط، والوصول تعلق، والعودة رهن
إشارة.. والسماء والأرض يستقران عند زاوية أخرى من الرؤية.
لمرة أخيرة تمرر يديك حول الحبل برفق مرة وللضبط مرة، ثم تأخذ نفسا بعمق
أوجاعك وترفع ذراعيك لأعلى توقعاتك، تترك عينيك مفتوحتين وأنت تزيح
القدمين من فوق السور وفوق الرتابة. بدفعة قوية تلقي بجسدك وروحك في تلك
المساحة الكبيرة الفارغة إلا من الهواء، وتزفر صرخة لا تروع بقدر ما تشفي.
الزمن القصير يتمدد أمامك.. ينسيك الزمن المعتاد.. الآلام اليومية،
الصراعات والأحزان والمشكلات مع الآخرين ومع نفسك.. دقائق معدودة بدون كل
هؤلاء. دقائق بيضاء غير محددة بأشخاص معينين أو قضايا أو أعمال أو أفكار أو
اتجاهات أو اتفاقات أو نقاشات أو أحلام أو ترتيبات أو حسابات أو احباطات
أو فقد.
ها أنت وقد انتهت القفزة بتعليقة كما هو مخطط.. لم تعط الإشارة المتفق عليها بعد كي يبدأون في استرجاعك من جديد.
No comments:
Post a Comment