1/27/2009

استبقاء

أحاول أن أغير عاداتي، اكتسب عاداتاً جديدة استبدل بها ما ضاع مني، اسد فراغا تخلف ممن رحلتا وتركتا المكان. فاحضر كوبا من النسكافيه على عجل وقبل ان اضع حقيبتي على مكتبي بعد أن كنت افعل هذا معهما، نحضر مشروباتنا، نتحدث في ما جرى أمس وما سنفعل اليوم، عن خططنا القصيرة الأجل والطويلة ربما. كنا نحافظ على تسكعنا الصباحي بين المكتب والمطبخ.
اغير مكتبي، اتعمد ألا أستمر على مكتبي القديم.. كأنني انا التي انتقلت وتركت مكانا إلى مكان.
حتى افطاري، عادتي الجديدة أن اطلبه بمجرد وصولي. نفس الافطار في كل يوم.. افطر مع زملائي هربا من الوحدة بعد الظهر موعد افطارنا القديم، وهربا من ذكريات حيرتنا "ماذا سنفطر اليوم؟". اكتشفت الآن أن نوع الأكل لم يكن مهما بالمرة وأنني كنت اخوض في الحيرة معهما بتلذذ.
أشعر أنهما لم يكونا يوما هنا، وأن السنة التي مرت لم تكن من الأصل، وأن الأمر لم يكن سوى أكثر من يومين ثلاثة، اسبوع في احسن الاحوال.
بعد ساعة.. اشعر، انهما ضاعا مني ولم يكن من الأفضل أن يضيعا. وأنهما كانا هنا من مئة عام أو أكثر. حفرتا ذكريات كثيرة. افكر، لماذا تظهر لي الذاكرة دائما كأنها البطل الأول والأخير. الآن تنتصرين ايتها الذاكرة؟
كنا نشتري الشيكولاتة والشيبسي والجبنة والطماطم والزيتون والتونة والعصير واللبان من السوبر ماركت، نلعب عند "خضير" ونشتري أقلاما ونوتا وسيديهات ونستاء من غلاء اسعاره، نتكلم عن أحلامنا وهواجسنا على السلم الخلفي،
نذهب خصيصا لديدوس بعد الشغل، لأنه "بيعمل باستا تجنن"، ننزل بعدها مباشرة إلى الزمالك نأكل "أيس كريم"، يرتفع الصوت بالغناء في الشارع الخالي، ثم أقرر أن أذهب معهما لحفل موسيقي في الساقية.. نتفق أن نذهب ولو مرة في الشهر إلى حفل ما،
افكر اكثر، سوف تعودان يوما ما، ستعودان قريبا.. اتفائل، ومع هذا استمر في دعم عاداتي الجديدة. 
عشرون يوم أو يزيد، انجح في تثبيت العادات البديلة.. لا انجح في تعويض الشعور بالفقد.. لا انجح في سد الفراغ، ولو مساحة صغيرة منه. انها حتى تتسع، انكمش في نفسي.. أو ألف وأدور في المكان.. إما أن يحتويني أو احتويه. افكر انهما ستعودان يوما ما وكأنهما لم تغادرا أبداً.

No comments:

Post a Comment