(1)
تخرج معك لتبهجك، لتشاهد معك فيلم، وتشتري لك فشارا وتعطيك جرعة من الثقة بالنفس تعيش عليها لأيام.
تظل رغم أيام وشهور على فقدان عزيز لديها، تتذكره بأسى ودموع، تحادث
طيفه من وقت لآخر وتحكي له عما يجري في حياتها. حياتها التي لم تظن أن
يختفي منها بتلك السرعة والسهولة معا.
لديها وجه النظر تلك عن "العمل والحياة"، لابد أن يعيش المرء حياته ولا
يترك نفسه لهموم العمل وضغوطاته لتأكل من عمره وشبابه، لذلك فخطط حياتها
تشمل سفر ورحلات وزيارات سياحية وعروض فنية وكتابات وصور وقدر معين من
العمل.
تذهلها فكرة أن المرء يموت ولم يكن قد رأى كل العالم ولم يعرف كل المعلومات ولم يسمع كل الأغاني الجميلة.
(2)
إذا ارادت ان تصبح صديقتك، سوف تصبح صديقتك. وربما المفضلة. فقط عليك أن
تطابق المواصفات المؤهلة لتلك العلاقة. فهي تَنتقي ولا تُنتقى، وهي تَترك
ولا تُترك. نعم، إذا أرادت أن تبتعد وتنهى تلك الصداقة فسوف تنجح في ذلك
أيضاً دون معاتبة من جانبك. والأكثر من ذلك أنها تستطيع إعادة تلك الصداقة
مرة اخرى بمنتهى السهولة ولن ترفض أنت ذلك، لن تكون لديك الفرصة أصلا
للرفض.
هي تتصرف بطبيعية متناهية، تذهلك حركتها وردود أفعالها اليقظة. تستطيع
أن تملأ فراغ ساعتين من الكلام، وسوف تجاريها في ذلك لأنك مستمتع بشقاوتها
البادية في لهجتها ولمعان عينيها وحركة اليدين اللتين لا تهدآن.
صريحة. إذا اضطرت لذلك، واقعية مما يؤهلها للمشورة. ربما تأخذك من يدك
لتقضي لك حاجة، او تربت عليها بسرعة تعبيرا عن التضامن والمؤازرة. لن تعطيك
الفرصة في الشك فيما إذا كانت بالفعل تعني ذلك الاهتمام أم تصطنعه.
(3)
تقول أن حياتها كانت مأساوية منذ الطفولة. الفقد والمرض والاختلاف عن
الآخرين. لم يكن التفوق الدراسي عزاءا كافيا. ولم يكن الاصدقاء ملجأ منقذا
من الوحدة والخوف.
نفسها صديقتها. اعتمدت عليها. سنوات وسنوات، فكانت تدافع عنها حتى
الشراسة، وتبني حولها سياجا حتى منعت الآخرين من الاقتراب. والآخرون
معذورون لو يتهمونها بالجفاء والغرور.
حتى لما وجدت من تحكي لهن وتشاطرهن الحواديت عرفت بهجة لذيذة، لم تكن قد
ذاقتها من قبل. انكسرت إلى حد كبير شوكة التعالي والانفصال، حتى بانت طيبة
حنون كثيرة الكلام. بقى القلق من فقد كل هذا، رغم ادعاء الثبات
واللامبالة.
(4)
لا تشبه كثير من البنات. ومع ذلك لن تميز حضورها بين مجموعة، فهى تختفي
في المجموع ولا تبين. وإذا حادثتها فسوف تحصل على معلومة واحدة أنها فتاة
سطحية اهتماماتها متواضعة وليس لها رأي محدد في الأشياء.
هي تطبع عليك من قشرة روحها هذا الشعور. تعترف بينها وبين نفسها انها
عاجزة عن اعطاء الآخرين صورة حقيقية. ربما تعمدت أن تبدو كذلك مع البعض.
تظل تحزن لذلك. هي أعمق من ذلك كثيراً، يشهد بذلك القليلون الذين اخترقوا
حدود روحها وعرفوها. فوجدوا نضجا في الرأي، واتساعا في القلب، وانصاتا
مذهلا، وتقديرا مشجعا.. يختفي كل هذا وراء سحابة كثيفة. غيوم النفس
المختفية خجلاً.
في المرات القليلة التي انفجرت فيها معبرة عن رأيها، كانت تلمح تقديرا
مقابلا. تذهلها حقيقة أنها ترى ذلك بعين قلبها جيدا في تلك اللحظات. وإنها
تعجز عن ذلك في كل الظروف العادية - السطحية- الأخرى.
(5)
لديها موهبة تحليل شخصيات الناس. هي تقول ذلك، وتتصرف بناء عليه، فعلاقاتها يحددها الإنطباع الأولي. الإنطباعات الأولى تدوم عندها.
تحملق في الناس، تتملى ملامحهم لتعيد رسمها في خيالاها، بالألوان،
بالتصنيف إلى صديق أو عدو، مقبول أو مرفوض. وما بين بين لا وجود له.
ستحافظ على صداقتك، ستبذل هي المجهود الأكبر وستقبل أعذارك حتى وإن وهنت.
هذا طالما ظلت على قناعتها بأن معدنك أصيل.
تتحكم في مشاعرها، قلبها، والخطوط العريضة لحياتها. مستقلة، ووحيدة
ومبدعة. ستخفي عنك الكثير من الأمور لكي لا تنال منها الأيام. من منا لا
يفعل؟ لا يجب إذن أن تلوم عليها.
No comments:
Post a Comment